Close Menu
الساعة الآن 05:29 PM

منتديات ياكويت.

للتسجيل إضغط هنا

أدوات الموضوع
إضافة رد

Anwar

:: منسق إداري ::

بحث عن الأسوة الحسنة ومساس حاجة الناس إليها

السلام عليكم

[hide]
الأسوة الحسنة ومساس حاجة الناس إليها
على ضوء الكتاب والسنة

إن قضية الأسوة الحسنة وصفاتها وخصائصها وحاجة الناس إليها والسبيل إلى تكونها قضية من أهم القضايا الإنسانية وأوسعها فإنها مسألة متعلقة بمصير الأمم وبتقدمها ونهضتها وبسعادتها الدنيوية والأخروية.
وقضية كهذه لا يمكن وفاء حقها بكتابة مقالة أو كتيب ورسالة فيها، بل يحتاج وفاء حقها إلى تبيانها وتفصيل الكلام عليها في كتب ومجلدات.
وذلك لأن المسألة مسألة خلق رفيع، ومروءة وشخصية قوية مؤثرة، وسيرة حسنة وسريرة طيبة وعمل طيب جليل متقن.
وفي مقدمة من اعتنى بهذه القضية وأولها أهمية شديدة تليق بمكانتها هم العلماء المسلمون وأقوى كتب كتبت فيها وأوسعها هي ما كتبها العلماء المسلمون، ومن أهم ما كتبوه فيها هو كتاب "إحياء علماء الدين" لحجة اللإسلامالإمام الغزالي جزاه الله تعالى عن المسلمين خير الجزاء.
وقد كانت كتابتهم هذه بدافع من دينهم ومن كتاب ربهم ومن سنة نبيهم هذه التى تركز على قضية القدوة الحسنة وتوليها من الأهمية ما لا توليها لأي قضية من القضايا الكبرى الأخرى. وذلك لما ذكرنا من أنها مسألة مصيرية مرتبط بهاسعادة الإنسان الدنوية والأخروية.
والقدوة الحسنة وصفاتها ونشاتها وتكونها وإن لم تكن محصورة في الجانب الخلقي لكن الجانب الخلقي هو الركن الأساسي في نشأتها وتكونها، ومن أجل ذلك ركز الإسلام على التخلق بالخلق الحسن أكبر تركيز.
قال الله تعالى مثنيا على رسوله محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (وإنك لعلى خلق عظيم) فأثنى عليه بالخلق العظيم ولو كان في فضائله (صلى الله عليه و على آله و سلم) ما هو أفضل من الخلق العظيم لأثنى عليه بذلك وأثنت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها على رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بأنه (كان خلقه القرآن) وقال: النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم اللأخلاق). وقال: (ما من شيئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن) وقال: (إن أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة محاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة مساويكم أخلاقا الثرثارون، المتفيهقون المتشدقون) وسئل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الجنة؟ فقال: (تقوى الله وحسن الخلق) وفي حديث آخر: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا) وحقيقة الخلق أنه لصورة الإنسان الباطنة- وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها- بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها، ولكل من الصورتين أوصاف حسنة وقبيحة. والثواب والعقاب والثناء والذم تتعلق بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما تتعلق بأوصاف الصورة الظاهرة، بل أوصاف الصورة الباطنة أصل و منشء للأعمال الظاهرة، وأعمال الجوارح فمن أجل ذلك كان للأخلاق الحسنة ما لم يكن لغيره من الأهمية، وركز الإسلام عليها أكبر تركيز.
و المقصود الأصلي في هذه المقالة هو سرد جملة من الأوصاف التي يكون المتحلي بها قدوة حسنة لمجتمعه ولأمته، ولكننا نود أن نتعرض قبل ذلك إلى عدة نقاط متعلقة ببيان مدى حاجة المجتمعات البشرية إلى القدوة الحسنة، ومدى تأثيرها في مجتمعاتها، وبيان أنها تتفاوت فيما بينها، وبيان طريق نشئتها وتكونها.

1- مدى حاجة المجتمعات البشرية إلى القدوة الحسنة.
القدوة الحسنة حاجة إنسانية تحتاج إليها كل المجتمعات البشرية بكل طبقاتها وأطيافها ولا تتقدم المجتمعات البشرية ولا تصلح ولا تسعد في دنياها وأخراها إلا عن طريق القدوة الحسنة وعن طريق توجيهاتها الرشيدة والإقتداء بخلقها الحسنة وأعمالها السديدة ومن أجل ما للقدوة الحسنة من الأهمية تكفل الله تعالى بأن لا يبقي بنى آدم في يوم من الأيام بدون قدوة حسنة فأرسل لهم رسله تترى اصطفاهم من بين خلقه فكانوا لهم قدوة حسنة وكان أول انسان وهو آدم أول قدوة حسنة ثم أنشأ الله بعدهم العلماء العاملين والمربين الربانيين، ورثوا الأنبياء وكانوا قدوة حسنة لمجتمعاتهم رفعوا من المستوى الديني والأخلاقي للمجتمعات التى عايشوها ووجهوهم إلى ما فيه نفع دنياهم وأخراهم، وزادوا من حيويتهم ونشاطهم إلى الأعمال الخيرية الجليلة التى تتقدم بهم وتصلحهم وتسعدهم في دنياهم وأخراهم.

2-القدوة الحسنة قلة ولكنها مؤثرة في مصير المجتمعات.
القدوة الحسنة تكون دائما قلة في المجتمعات ولكنها تكون مؤثرة فيها بخلوقها الحسنة وسيرتها الطيبة وسريرتها النقية وتوجيهاتها الرشيدة واعمالها السديدة وإلى هذا أشار النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقوله: (الناس كأبل مائة لا تجد فيها راحلة) وبنسبة كثرة القدوة الحسنة وقلتها في المجتمعات يكون صلاح المجتمعات وفسادها ونهضتها وتخلفها، ولم تصلح ما صلحت من المجتمعات ولم تتقدم ولم تنهض إلا بكثرة القدوة الحسنة فيها.

3-القدوة الحسنة متفاوتة
القدوة الحسنة ليست من نوع واحد، بل هي مختلفة ومتفاوتة فيما بينها فقد يكون هذا قدوة حسنة في ناحية من نواحى الحياة ويكون ذلك قدوة حسنة في ناحية أخرى، بل قد يكون هذا الذى هو قدوة حسنة في هذه الناحية قدوة سيئة في الجانب الآخر والتاريخ حافل بهذه الأمثلة
1. وأما من يكون أسوة حسنة في شتى نواحي الحياة الدينية والخلقية والدنيوية فلا يتكون هذا النوع من القدوة الحسنة إلا عن طريق الوحي كما قال النبي صلى الله عليه و سلم أدبني ربي فأحسن تأدبي) و قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.) و عن طريق تربية الأنبياء وتربية ورثتهم من العلماء العاملين والمربين الربانيين.

4-طريق نشأة القدوة الحسنة وتكونها
قد تتكون القدوة الحسنة عن طريق الفطرة والجبلة لكن هذا من أندر النوادر. وإنما السبيل المعتاد إلى نشأة القدوة الحسنة وتكونها هي تعلم علوم الصحيحة النافعة والتربية السديدة الرشيدة والتربية هي الأصل الأصيل في هذا المجال وللفطرة السوية دور كبير في نشأتها وإذا اجتمعت التربية الرشيدة مع تعلم العلوم والفطرة السوية كان صاحبها من أفذاذ العصور ونوابغ الدهور ولا يكفي تعلم العلوم في ذلك فكم من عالم أفسد عالما. وليس ما تورطت فيه البشرية اليوم من الفساد العام والظلام الدامس والسيرة السيئة إلا عن طريق متعلميها الذين تزعموها وساقوا بها إلى أنواع الفساد وورطوها في الهاوية.

الأوصاف التي تتكون بها القدوة الحسنة
1- أن يتحرق بهموم أمته.
عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخه ما يحب لنفسه.) وقال: (من لم يهتم بأمور المسليمين فليس منهم) أو كما قال.
2- أن يسهر لخدمة الأمة
فقد كانت كل أعمال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- ما عدى عباداته الخاصة وشؤنه الخاصة- من أجل خدمة أمته و من أجل أسعادها في دنياها واخراها وكذلك كان كل ما اتى به من الشرائع والأحكام و قالمن استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه.) و(كان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يصلي على الرجل يخدم أصحابه) أي يدعو للرجل الذي يخدم أصحابه حثا له ولغيره على خدمة الناس ومكافئة له على ذلك.

3-أن يقدم النفع العام على منافعه الشخصية
فقد عرض المشركون على النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في مكة أن يملكوه أنفسهم ويدفعوا إليه من أموالهم ما يشاء ويزوجوه من أجمل نسائهم في مقابل تنازله عن دعوته أو عن قسم منها فأبى ذلك أشد الإباء وقال لأبى طالب: (لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله تعالى أو أهلك دونه ما تركته)

4-أن يتقدم الناس في العمل من أجل الأمة
عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس،تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة) فقد حثنا النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بهذا الحديث أن نكون دائما في خدمة أمتنا.

5-أن يكون قليل الكلام كثير العمل
وقال الله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون).قال النبي -صلى الله عليه و سلم-: (من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت.)
(وكان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يخزن لسانه إلا فيما يعنيه) (وكان طويل الصمت قليل الضحك)
6- أن توافق أقواله أفعاله
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).

7-أن يكون صادق اللهجة
و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة.) ، (وكان أبغض الخلق إلى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الكذب) . (وكان إذا اطلع على أهل بيته كذب كذبة، لم يزل معرضا عنه حتى يحدث توبة.)
وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: إن الصدق بِرٌّ وإن البِرَّ يَهدي إلى الجنة وإن العبد لَيَتَحَرَّى الصدق حتى يُكْتب عند الله صديقا وإن الكَذب فُجُور وإن الفُجُور يهدي إلى النار وإنّ العبد لَيَتَحَرّى الكذب حتّى يُكْتب عند الله كذّابا).

8- أن يكون أمينا على أموال الناس وأعراضهم وأسرارهم
قال الله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)
فقد لقب المشركون في مكة محمدا صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بالأمين وكانوا على عدائهم الشديد له ولما جاء به يودعونه ودائعهم وأموالهم النفيسة ويأتمنونه عليها وحينما هاجر إلى المدينة خلف عليا على ودائع الناس ليئديها إليهم وقال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (خلقان لا يجتمعان في مسلم الكذب والخيانة).و قال: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، و لا تخن من خانك.)

9- أن يكون وفيا بالعهد لا يخلف وعده.
قال الله تعالى: (ومن يوق شح نفسه فألؤك هم المفلحون.) و قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلمما من يومن يصبح العباد فيه إلا و ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، و يقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا.)(الشيخان) (أَرْبَعٌ من كنّ فيه كان منافقا أو كانت فيه خَصْلَةٌ من أرْبعة كانت فيه خَصلَةٌ من النّفاق حتّى يدعها إذا حدّث كذب وإذا وعد أخْلف وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر.

10- أن يكون كريما جوادا باذلا لماله في سبيل ما يؤمن به وسبيل أصحابه.
(كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان.) (وكان لا يدخر شيئا لغد) (وكان إذا جائه المال لم يبيته و لم يقيله) أي إن جائه المال آخر النهار لا يمسكه إلى الليل أو جائه أول النهار لا يمسكه إلى القائلة. (وكان لا يمنع شيئا يسئله.)

11- أن يكون متفائلا غير متشائم
(فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتفائل ولا يتطير) (وكان يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة) و قال: (بشروا ولا تنفرو، و يسروا و لاتنفروا.)

12- أن يكوون مقداما قويا غير عاجز
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف وفي كل خير إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيئ فلا تقل لو أنى فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) (المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على إذاهم خير من المومن الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم) رواه أحمد و الترمذي
13- أن يكون عالي الهمة غير راض بالدون
فقد أرشدنا الله تعالى في كتابه العزيز أن ندعوه بقولنا: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وجعلنا للمتقين إماما) وإمامة المتقين أعلى منزلة يتوصورها المؤمن ويطلبها، فقد علمنا الله تعالى بطلبه هذا الدعاء منا أن نكون على أعلى ما يمكن أن يكون عليه الإنسان من الهمة العلية، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها) وقال: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) . وقال: (سددوا وقاربوا).

14- أن يعرف مواطن القوة في نفسه فيستعملها ويزيدها قوة ومواطن الضعف فيها و يسعى في تقويتها ويحذر من أثرها
وهذا إنما يكون بمحاسبة النفس فإن الإنسان بمحاسبة نفسه يطلع على مواطن القوة والضعف فيها قال الله تعالى آمرا المؤمنين بالمحاسبة: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كا الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أؤلئك هم الفاسقون لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجننة أصحاب الجنة هم الفائزون)أمر الله المؤمنين أولا بتقوى الله التى هي معيار التفاضل عنده، ثم أرشدهم إلى طريق تحصيله وبين لهم أن ذلك يكون بمحاسبة النفس، فقال: (ولتنظر نفس ما قدمت لغد) ثم أمرهم أيضا بتقوى الله على أنها ثمرة محاسبة النفس ثم أخبرهم أن الله (خبير بما يعملون) حثا عليهما، ثم بين أن إهمال المحاسبة كما يكون سببا لفقد التقوى يكون سببا لنسيان الله تعالى وهو يكون سببا لنسيانهم أنفسهم ولعدم معرفتهم مواطن القوة والضعف فيها، ثم أخبر بأن ذلك فسق وخروج عن طاعة الله تعالى وأن ثمرة ذلك أن يكون صاحبها من أصحاب النار، وأن المحاسب للنفس المتقى لله الذاكر له من أصحاب الجنة.

15- أن يكون محاسبا لنفسه مشتغلا بعيوبه وبتمحيص ذنوبه ويكون دائما شاعرا بأنه بشر يخطئ ويصيب
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله) وفي رواية: الأحمق بدل العاجز. فعرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم الكيس العاقل بأنه الذي يحاسب نفسه ويعمل لما بعد الموت وعرف الأحمق العاجز بأنه الذي يتبع هوى النفس لعدم اهتمامه بمحاسبة نفسه وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتهيئوا لعرض يوم الأكبر (يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية)

16-أن يكون صاحب القرار الحاسم في أموره وفي ما يعرض له من المشاكل
وهذه هي صفة أولي العزم من الرسل فإن العزم هو القرار الحاسم، وقال الله تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله) ولكن ينبغى أن يكون هذا القرار الحاسم بعد الإستخارة من الله تعالى والإستشارة لأهل العلم والرأي فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما خاب من استخار، وما ندم من استشار) .

17-أن يكون محافظا على أوقاته لا يصرفها إلافي الخير وفيما فيه نفع دنياه وآخرته ونفع أمته
قال الله تعالى: في صفات عباد الرحمن: (وإذا مروا باللغو مروا كراما) بين الله تعالى أن المؤمن لا ينبغى له أن يصرف وقته في اللغو وهو ما لا خير للإنسان فيه، وأن اشتغاله باللغو مخل بكرامته،و قال تعالى: (والذين هم عن اللغو معرضون). وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من حسن إسلام المرأ تركه ما لا يعنيه)

18- أن يكون متقيا للشبهات
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كا الراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه) وقال: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك). و(قال الصدق طمؤنينة و الكذب ريبة)

19- أن يكون متجنبا لمواقع التهم
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس الصدق طمؤنينة و الكذب ريبة)) عن صفية بنت حيي رضي الله تعالى عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت لأنقلب فقام معى ليقلبنى –وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد- فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا رسول الله أسرعا فقال النبي على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا: سبحان الله يا رسول الله، فقال: إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم، وإنى خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا، أم قال شيئا)

20- أن يكون مراقبا لله تعالى في كل شؤنه وتصرفاته
قال الله تعالى: (إن الله كان عليكم رقيبا)
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت). ومراقبة الله تعالى تجعل قلب المؤمن مشتغلا بها عامرا بذكر الله تعالى متجنبا كل ما يكرهه الله وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اتقى الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) . وتقوى الله حيثما كان الإنسان لا تكون إلا بمراقبة الله تعالى فإن مراقبة الله تعالى في كل الأحوال والشؤن تجعل من الإنسان متقيا لله حيثما كان وتكون منه أفضل أسوة حسنة لمجتمعه، ومن أجل ذلك ركز أهل التصوف الصحيح على المراقبة أكبر تركيز، وقالوا: إن أول التصوف التكلف في تحصيل مراقبة الله تعالى في كل ألأحوال والشؤن، وآخره تملك هذه المراقبة بحيث تكون المراقبة حالة روحية لصاحبها وشعورا نفسيا له لا يفارقه في حال من الأحوال.

21- أن يكون متوادا للناس بلين عريكته وطلاقة وجهه للناس، وبذل النصح لهم وخدمته إياهم، ومساعدته لهم
قال الله تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
(وكان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم دائم البشر سهل الخلق) و وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم) وقال: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).

22- أن يكون رحيما بعباد الله تعالى
قال الله تعالى: (لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).و قال: (من لم يرحم صغيرنا و لم يعرف حق كبيرنا فليس منا.) وقال: (من لا يرحم لا يرحم). و(كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرحم الناس بالصبيان والنساء). وقال: (أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذى قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال). و قال: (المسلم أخو المسلم لا يسلمه و لا يخذله و لا يحقره، التقوى ههنا و يشير إلى صدره ثلاث مراة بحسب امرء من الشر أن يحقر أخاه المسلم.كل المسلم على المسلم حرام ماله و دمه و عرضه.) (مسلم) (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخلف في المسير، فيزجي الضعيف، ويردف و يدعو لهم.)

23- أن يكون محافظا للسانه عن جرح الهيئات والأشخاص
روى الترمذي عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: (كف عليك هذا –يعنى لسانه- فقلت: يا رسول الله وانا لمؤآخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم).

24- أن يكون مركزا على نقد الفكرة دون نقد الأشخاص
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت). (وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخزن لسانه إلا فيما يعنيه). (وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا بلغه شيء لم يعجبه من بعض أصحابه لم يقل ما بال فلان يقول، بل يقول: ما بال أقوام يقولون كذا كذا).

25- أن يكون مركزا على الجماعة والأداء الجماعي
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار). وقال: (إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية).

26- أن يكون متغافلا عن عيوب أصحابه وعوراتهم وأن يعفو عن زلاتهم
قال الله تعالى: (ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور).
قال الله تعالى: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم). . وقال الله تعالى: (فمن عفى وأصلح فأجره على الله). (وكان صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا يواجه أحدا في وجهه بشيئ يكرهه). (وكان أصبر الناس على أقذار الناس). أي على عيوبهم ونقائصهم
27- أن يكون متواضعا لأصحابه غير مترفع عليهم ويشعر أصحابه دائما بأنه منهم وقريب من أنفوسهم
(فقد كان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يكره أن يطئ أحد عقيبه ولكن يمين وشمال). وقد أمر النبي بعيادة المرضى و اتباع الجنائز، ورد السلام و تشميت العاطس، و إبراء المقسم و نصرة المظلوم وإجابة الداعي.) (الشيخان) (وكان يعود المريض ويتبع الجنازة ويجيب دعوة المملوك). (وكان يأكل مع خادمه) (وكان يمر على الصبيان يسلم عليهم). (وكان إذا لقيه الرجل من أصحابه مسحه ودعا له). (وكان إذا لقيه أحد من أصحابه فقام معه قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف و إذا لقيه رجل من أصحابه فتناول يده ناوله إياها فلم ينزع يده منه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده منه). (وكان إذا خلا بنسائه ألين الناس وأكرم الناس ضحاكا بساما).
(أن يوقر الكبار وأهل العلم والفضل)
عن ابى موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعال عليه وآله وسلم إن من اجلال الله تعالى اكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، واكرام ذي السلطان المقسط) وقال: (انزلوا الناس منازلهم) وقال: (ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا فيض الله له من يكرمه عنه لسنه) وقال: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولم يرحم صغيرنا)

28- أن يهتم بمشاورة أصحابه وأهل العلم والرأي من المسلمين
قال الله تعالى عن المؤمنين: (وأمهم شورى بينهم) أي يتشاورون فيما بينهم
قال الله تعالى: لنبيه محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفو عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) فمن أجل أمر الله تعالى له بمشاورة أصحابه كان كثير المشاورة لهم أخرج الشافعي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال (ما رئيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم). وقال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما خاب من استخار وما ندم من استشار ولا عال من اقتصد)و أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أنس وابن عباس لما نزل: (وشاورهم في الأمر) على المصطفي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال (أماو الله إن الله ورسوله يغنيان عنها ولكن جعلها الله رحمة لأمتى فمن استشار منهم لم يعدم رشدا ومن تركها لم يعدم غيا). قال النووي في الأذكار صـ[460]: واعلم أنه يستحب لمن هم بأمر أن يشاور فيه من يتق بدينه وخبرته وحذقه وصحبته.
29- أن يلين لأصحابه في القول والتوجيه
قال النبي صلى الله عليه و آله وسلم: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه) (وقال: من يحرم الرفق يحرم الخير كله). وقال: (إن الرفق لا يكون في شيئ إلا زانه، ولا ينزع من شيئ إلا شانه).
(وكان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم دائم البشر سهل الخلق). (وكان لا يدعوه أحد إلا قال: لبيك،). (وكان لا يواجه أحدا بشيئ يكرهه). (وكان لا يحدث حديثا إلا تبسم). (وكان إذا بلغه الشيئ عن الرجل لم يقل ما بال فلان يقول، بل يقول ما بال أقوام يقولون كذا وكذا). عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: (لقد خدمت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عشر سنين، فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيئ فعلته لم فعلته، ولا لشيئ لم أفعله: ألا فعلت كذا). وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل)
30- أن يكون طيب الكلام طلق الوجه
قال الله تعالى: (واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين)
عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة) وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع عليها متاعه صدقة. قال: والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة). عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) وعن أبن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم (ليس المؤمن بالطعانى ولا اللعانى ولا الفاحش ولا البذي) وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (ما كان الفحش في شيئ إلا شانه وما كان الحياء في شيئ إلا زانه) وقال: (إن في الجنة لفريقا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقال أعرابي: لمن هي يا رسول الله قال: (لمن طاب الكلام وأفشى السلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام) وقال: (من سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو شيهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه)
31- أن يمتلئ قلبه بمحبة أصحابه بحيث يظهر ذلك في شؤنه وتصرفاته
قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وقال: (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف) (وكان النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإذا كان غائبا دعا له، وإن كان شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده.). (وكان يعجبه أن يدعو الرجل بأحب أسمائه إليه وأحب كناه). (وكان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشى مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضى له حاجته). (وكان مما يقول للخادم: ألك حاجة؟) وقال: (إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، ولكن ليسعهم منكم بسط وجه وحسن خلق)
32- أن يكون بحيث يسمح للعاملين معه من أصحابه على الإختلاف معه بل يشجعهم على ذلك كي يتدربوا على تكوين الرأي ويتوصلوا من اختلاف وجهات النظر إلى فكر واسع في الموضوع المطروق
وهذا هو ثمرة الإستشارة ومن أجل ذلك أمر الله تعالى بها في كتابه المجيد، وحث عليها النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فيما قدمناه آنفا من الأحاديث.
هذه جملة من أهم صفات الأسوة الحسنة على وجه الإجمال على ما هو اللائق بالمقام، وأما الاحاطة بصفات الأسوة الحسنة على وجه التفصيل والوفاء بحقها فلا يكون إلا بمجلدات.
ومن أجل أن تنشئة الأسوة الحسنة من القضايا المصيرية للأمم والمجتمعات يتوقف عليها تقدمها ونهضتها ونجاحها وفلاحها وسعادتها الدنيوية والأخروية كان من آكد الواجبات على المسلمين ومن فروض الكفايات عليهم أن يولوا عناية شديدة لتنشئة القدوة الحسنة اتنى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بتنشئتها واعتنى من بعده بتنشئتها الخلفاء الراشدون والصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان وعن طريق تنشئة الأسوة الحسنة بأعداد كبيرة استطاعوا نشر دينهم في ربوع العالم شرقه وغربه وجنوبه وشماله بسرعة مذهلة، وعن هذا الطريق سادو العالم وقادوه إلى الخير والسعادة والفلاح وصاروا أئمة خير واساتذة هداية للعالم حاملين إليه شعل النور والرحمة قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
فإذا أرادت الأمة أن تستعيد ما بعثها الله له وأوجبها عليه من سيادة العالم وقيادته إلى الخير والفلاح والسعادة وانقاذه مما تورط فيه من الفساد والظلام الذي طبق الأرض شرقا وغربا وجنوبا وشمالا وأن تعود إلى مجدها وعزها المفقود وتتخلص مما حل بها من الذل والهوان فالسبيل الوحيد إلى ذلك هو تنشئة الأعداد الكبيرة من الأسوة الحسنة من العلماء العاملين والمربين الربانيين الذين يقودونها إلى سعادتها الدنوية والأخروية

ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

[/hide]

دمتم بود
سبحان الله وبحمده

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

#2

مـــلاك عمري

:: عضو متقدم ::

#3
يسلمووووو انور

om ahmad

:: عضو جديد ::

#4
thanksssssss

rema

:: عضو متألق ::

#5
اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
إضافة رد


يشاهدون الموضوع : 1 ( عضو0 زائر 1)
 

الانتقال السريع