Close Menu
الساعة الآن 10:41 PM

منتديات ياكويت.

للتسجيل إضغط هنا

الابحاث وتطوير الذات تاريخ, جغرافيا, علم اجتماع, سياسة, اقتصاد واعمال, علم نفس, قانون

أدوات الموضوع
إضافة رد

Anwar

:: منسق إداري ::

بحث عن الوراثة السياسية

السلام عليكم

[hide]
الوراثة السياسية

مهند السماوي

تمهيد:

الوراثة السياسية، موضوع شائك ومعقد،يحضى بتأييد الأقلية ومعارضة الأغلبية، وله جذور طويلة في التأريخ،وقد أثارني اختيار ابن رئيسة الوزراء الباكستانية الراحلة بناظير بوتو،وهو مراهق لم يبلغ 19 عاما،زعيما لحزب الشعب الذي تتزعمه والدته، بعد تنازل والده له، بدون إجراء انتخابات داخلية، في حزب يدعو للديمقراطية وهو لايطبقها على نفسه!!!.
وهذا ما دعاني لكتابة هذا البحث المختصر بدون الاستعانة بمصادر خارجية،وهي محاولة لعرض موضوع الوراثة السياسية وتحليله،وتحريك همم الباحثين والدارسين للموضوع لبحث الأمور التفصيلية،ثم ترك الحكم للناس باعتباره مؤثرا بالغا على حياتهم وطريقة معيشتهم ثم وهو الأهم مصادرة قرارهم السياسي وما يتبعه من تأثيرات جانبية قد تكون مدمرة للقرارات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

تعريف الوراثة السياسية:
وهي عملية نقل السلطة السياسية من الأب إلى أفراد عائلته في حالات الوفاة والعجز،ويكون النقل مدعوما بالسلطة المادية والمعنوية أو بالقاعدة الشعبية في حالتي الحكم أو المعارضة.
بدأ التوريث السياسي منذ بداية تأريخ البشرية،كجزء من التوريث بشكل عام،وكشيء طبيعي إن الإنسان يميل إلى أفراد أسرته، الأقرب فالأقرب، باعتبارهم السند القوي في مقارعة الخصوم وإدارة شؤون الحكم والأسرة.
ونظرا لعدم وجود التجربة الديمقراطية وانعدام الحريات العامة،فقد انتشر التوريث السياسي وأصبح شيئا طبيعيا، ولذلك من النادر أن نجد دولة تاريخية قديمة بنيت على أساس غير ملكي،وإذا وجدت فأنها سوف تنهار بأسرع من انهيار الممالك،لأن العلاقات الدولية كانت تدار بأسلوب بدائي،يعتمد على القوة والعنف لتحقيق الإغراض المختلفة.
وفي التأريخ القديم وجدت بعض الدول القديمة،التي مارست الديمقراطية في الحكم(وان كانت بأسلوب بدائي)في بلاد الإغريق وروما،إلا أنها تحولت في النهاية إلى إمبراطوريات استبدادية،أو انهارت بفعل الحروب الداخلية والخارجية التي تعتمد على الديكتاتورية والعنف،كأسلوب سهل في القيادة،والسيطرة على الشعور، فالأنظمة الاستبدادية سهلة الحكم بعكس الأنظمة الديمقراطية التي يصعب الحكم فيها،وذلك لصعوبة اتخاذ القرار بدون موافقة غالبية الإطراف، بينما من السهل اتخاذ القرارات التي تكون غالبا مدمرة في النظم المستبدة التي تميل إلى العدوان والحروب بعكس الأولى التي تميل إلى السلام والمحبة والتعاون مع الشعوب الأخرى.

تفاصيل نشوء وانحلال الدول في التأريخ موجودة في بطون ومتون الموسوعات والكتب التاريخية لمن أراد التوسع في الموضوع .
والبلاد الإسلامية كجزء من الشرق يمتاز عن بقية دول العالم بتمسك شديد بصيغة الوراثة السياسية،تصل حد الإبادة الجماعية البشرية لشعوب بأكملها في سبيل السلطة والثروة والتوريث،في خلاف واضح وصريح لتعاليم الدين الإسلامي وبقية الأديان الأخرى،بل كجزء من الثقافة المتوارثة والتقاليد المنتشرة ،وأصبح التوريث جزء أساسي من الشخصية العربية أو المشرقية،التي تمتاز بالانضباط الشديد في الحياة والعلاقات الاجتماعية،والتمسك بتقاليد الأسرة الكبيرة التي تصل مستوى القبيلة وتفرعاتها،وهذا تنازل واضح وصريح للحريات الفردية،وما يتبع ذلك الرغبة العارمة في بناء أسرة كبيرة تتكون من عدد كبير من الزوجات والأبناء،الذين ينشأ ون بدورهم وبسرعة أسر نووية صغيرة بوجود رأس الأسرة الكبير،وبالتالي تكون قيادة الأسرة أشبه بالسلطة الصغيرة التي تحتاج إلى من يقودها وبطريقة أقرب إلى الاستبداد لحمايتها من الداخل(التفكك الأسري) أو من الخارج،ويحتاج ذلك إلى وريث للأسرة غالبا ما يكون الولد الأول أو مايتبعه بالتسلسل،ونادرا ما تكون احد البنات باعتبار أن الأولوية للولد في المجتمعات الشرقية.

تنشأ الممالك وليس الأمم في التأريخ،وخاصة في الشرق،عن طريق القوة واستخدام القسوة المفرطة مع الخصوم ومن يمتلك القوة الكبرى بجانب العنف والقسوة والمادة تكون له الغلبة في النهاية،يتبع ذلك إقامة سلطة استبدادية دائمة التوجس والحذر من الخصوم،وتكون دائما مستعدة لإبادة غالبية الشعب،نظير البقاء في الحكم وحكم أقلية منه.
من الخطأ الفادح إلصاق تهمة الاستبداد بالشرق،والحرية في الغرب،فالنزعة الاستبدادية متأصلة بالبشر ككل،ولا يمكن إزالتها،من النفوس،ولكن يمكن تحجيمها وترويضها إلى أدنى مستوى ممكن،في حالة ممارسة الديمقراطية والحرية في الحكم ولفترة طويلة،تعززها تقاليد عريقة في احترام الآخر وحريته الشخصية ومنهم الخصوم،وينشأ ذلك كله من التربية سواء في التعليم أو المجتمع منذ الصغر،وزرع نزعة التعايش وأحترام الآخر وكره العنف والعنصرية والاستعلاء وهو ضروري وهام لحماية الأجيال المستقبلية من نزعة التسلط والإرهاب والعنف.
تاريخ الأمم والملوك،سواء في الشرق أو الغرب،ضروري لدراسة التوريث السياسي من بدايته وهو شرط أولي لاستمرارية تلك الأنظمة في عالم خال من الديمقراطية،إلا أن ذلك يحتاج إلى وقت و جهد كبيرين،ويمكن اختصارها بما وصل ألينا من بقايا الأنظمة الحاكمة الحالية،والتقاليد المتوارثة الأسرية،فهي نتاج قيم لذلك التاريخ الدموي الإرهابي الذي سيطر ومازال على العالم وبخاصة عالمنا العربي وما جاوره من بلدان أسلامية وشرقية.

معظم البلدان في العالم الإسلامي تأسست في القرن العشرين على أساس نظام ملكي متوارث،إلا أن غالبيتها أزيل بفعل الثورات أو الانقلابات التي غالبا ما تكون دموية كرد فعل على ديكتاتورية وفساد الأنظمة الملكية،إلا ان دائرة العنف والقتل بدلا من أن تهبط فأنها واصلت ارتفاعها ووصلت إلى حدود تفوق التصور البشري للإبادة الجماعية وامتهان الكرامة الإنسانية،وتنشأ معها سلطات ظاهرها جمهوري،ولكن باطنها وسلوكها ملكي أو أكثر منه ملكية!!ويصاحب ذلك ظاهرة التوريث السياسي التي كانت منحصرة بالأنظمة الملكية المتوارثة،ثم توسعت ظاهرة التوريث بالاتجاهين الحكومي والشعبي،وقد نشأ كل ذلك في ظل انخفاض مستوى الوعي السياسي والثقافي وغلبة نزعة الخوف،نتيجة عقود طويلة من الزمن بفعل الاستبداد والطغيان المدعوم خارجيا!نتيجة المصالح الدولية المتشابكة.

أصبح للاستبداد جذور قوية في الشخصية الفردية،بفعل التقادم الزمني،التي أصبحت تراقب نفسها بنفسها بفعل الإرهاب والقمع الذي يفوق حد التصور،وما دام الحد الأدنى لمتطلبات العيش هو الاستمرار بالحياة بأي ثمن،وهو السعر الذي تتمسك به الأنظمة الاستبدادية فان كل شيء يهون ويرخص من أجل العيش حتى ولو بدون كرامة أو حرية.
تصنيف التوريث السياسي: الأمة .. الشعب .. النظام .. طبقات الشعب .. قوى سياسية .. جمهوري .. ملكي .. ديمقراطي .. استبدادي .. ديمقراطي .. استبدادي .. موالية .. معارضة
يعطي التصنيف السابق صورة مبسطة وإجمالية لتقسيم الأمم،كل الأنظمة في العالم وفق التصنيف السابق ولكن بأسماء مختلفة، وينتج التوريث بشكل عام،والسياسي بشكل خاص،في كل التقسيمات السابقة.
ظاهرة التوريث بشكل عام منتشرة في كل بلاد العالم،أما السياسي منها فأقل انتشارا،ولوحظ أنه في الدول المتقدمة تكون ضعيفة الانتشار،وإذا وجدت فهي محدودة الصلاحية،أو ذات فترة زمنية قصيرة بفعل عوامل عديدة أبرزها ممارسة الديمقراطية والحرية في الحكم ونظام المجتمع ككل،الذي يقدس الحرية الشخصية ويحترم المبادرات الفردية والالتزام بالقانون الذي يتساوى فيه الجميع.

ولذلك يكون تأثير تلك الظاهرة،أي ظاهرة التوريث السياسي ضعيفا في تلك البلدان،سواء في المسرح السياسي أو في المجالات الأخرى المتداخلة معه،إلا أن التوريث الطبيعي في المجالات الأخرى كالمال والأعمال وغيرها مازال موجودا،وهذا شيء طبيعي لكل إنسان.

هناك تصنيف آخر للتوريث :الأول- مادي والثاني : معنوي
الأول تكون فيه الأمور المادية(كالسلطة والمال والجاه)الأساس في التوريث وهو المنتشر على نطاق واسع،وأساس دراستنا هذه في جزء منه،وهو التوريث السياسي.
أما القسم الثاني من التوريث،وهو المعنوي،فهو أقل انتشارا من الأول باعتبار إن التوريث تم على أساس غير مادي،كالثقافة والفكر والفن والأدب والعلم والدين واللغة والصحافة وغيرها.
ولاحظت في القسم الثاني،أنه بعد مرور جيلين أو أكثر تبدأ سيرة الأسرة بالاضمحلال والاندثار،لعدم وجود وريث يكون بمستوى مؤسس الأسرة في الأمور السالفة الذكر.
ومن النادر جدا أن يبرز في الأسرة من يفوق المؤسس في مادة بروزه،ولذلك يبني مجده على مجد صاحب الأسرة،وفي الغالب يكون مستواه دون مستوى الأول.
وعموما تلك الأمور المعنوية يتم الحصول عليها بجهد وكفاح وصبر يفوق المعتاد بكثير،مع ذكاء بالغ،ومقدرة عقلية عالية يصعب على الفرد العادي الحصول عليها بسهولة ويسر،مما يجعل توريثها صعبا،بينما الأمور المادية لا تحتاج عادة إلى ذكاء وقدرة فوق الطبيعي،لاستلامها وأدارتها في ظل وجود عدد من الأعوان والمستشارين.
نجد في الغالب مايكون أفراد الأسرة في اختياراتهم لمستقبلهم،مختلفا عن اختيار وطريق نابغة الأسرة الأول،وإذا وجد من يخلفه،وهو نادر الحدوث،فأنه غالبا دون مستوى الأول،في ذكائه وعبقريته وشهرته تكون مبنية على الوراثة المعنوية،وبالتالي شيئا فشيئا تتدهور مكانة وسمعة الأسرة العلمية والأدبية،وتنتهي ببروز الجيل الثالث،الذي يكون بعيد كل البعد عن توجهات وآراء وذكاء الجيل الأول،وطبعا للظاهرة شذوذ لايعتنى بها لقلتها.

لاحظت أن التوريث في الأمور الدينية،وأعنى به دراسة الدين والمذهب،ومايتبعه ويترتب عليه من دراسات أخرى مصاحبة في اللغة والأدب والفكر،وكذلك أدارة المقدسات والهيئات الدينية،أقول وجدت أن الاستمرارية أكبر على اعتبار أن دراسة الأمور الدينية شيء مشاع بين الناس حيث عدد كبير يتجه في مجاله،صحيح انه ليس بالأمر الهين ولكن انتشاره يكون أكثر كما وكيفا،وبالتالي تنشأ أسر كبيرة الحجم تتوارث دراسة الدين والتعمق فيه،وما يصاحب ذلك من مكانة اجتماعية مميزة،قد تصبح سياسية واقتصادية،مما يجعل لعملية التوارث حافز قوي للبقاء والاستمرار على نفس المنهج،يضاف إلى الحافز الأقوى وهو الرغبة الذاتية لخدمة الدين والتعمق فيه،ويتسبب ذلك بالإضافة لأمور أخرى نشوء طبقة رجال الدين التي تحظى بالاحترام من الجميع.
تتزعم طبقة رجال الدين مجموعة من الأسر الدينية المشهورة،والتي تبذل جهودا مضنية في الدراسة والبحث والمثابرة للحفاظ على مكانتها في المجتمع التي تصبح مهددة في حالة التهاون في بذل الجهود،وكلما كان حجم الأسرة كبيرا كلما ساعد أبناء الأسرة على وجود أفراد قادرين على الدراسة والمثابرة للحصول على أعلى الدرجات الدينية والعلمية للحفاظ على المكانة المستقبلية للأسرة.

وظاهرة الأسر الدينية موجودة في كل الأديان والمذاهب وفي جميع الملل والنحل،ولكن من خلال استطلاع بسيط في البلاد الإسلامية،نجدها تكبر وتتوسع في بلاد المشرق الإسلامي على بلاد المغرب الإسلامي.
وقد يعود ذلك إلى انتشار القبلية وقيمها الاجتماعية المتوارثة في المشرق أكثر من المغرب،ولا ننسى أن الكثير من أفراد القبائل في المشرق هاجروا إلى شمال أفريقيا في فترة الفتوحات الإسلامية،ومنذ ذلك الحين يشكلون الأغلبية العربية فيها،ولكن بدون قوة القبلية الموجودة في المشرق(منبع القبائل والأديان والمذاهب). قد يعود ذلك لعدة أسباب،منها القرب من الغرب وشعوبه المتحررة من نزعة القبلية أو العلاقات الاجتماعية والتقاليد المتوارثة التي تختلف من بلد لأخر ومن إقليم لأخر.

التقسيم المذهبي:
هناك تقسيم آخر للتوارث الديني والسياسي من الناحية المذهبية،فمن خلال قراءة الماضي والحاضر نستطيع استنباط جملة من الملاحظات والتحليلات الهامة في هذا الموضوع.
ظاهرة التوريث موجودة في المذهبين الرئيسين في الإسلام،الشيعي والسني،كما في بقية المذاهب الأخرى ألا أنها في الجانب الشيعي أكبر حجما وأكثر اتساعا مع تطور في الكيف أيضا،على العكس من الجانب السني،الذي كانت منتشرة فيه،لكنها ضعفت كثيرا في العقود الأخيرة،إلا أنها حافظت على مستواها العالي في شبه الجزيرة العربية عند المذاهب المختلفة وخاصة المذهب الحنبلي الذي يسمى أحيانا المذهب الوهابي وهم الأكثر تشددا في كل شئ ويوازي في الكم والكيف حجم الظاهرة في الجانب الشيعي.
ويعود السبب في ذلك إلى التقاليد القبلية القوية المنتشرة والتي مازالت تتحكم وبقوة رغم المدنية والتطور الاقتصادي الناجم عن تدفق النفط بغزارة بالعلاقات الاجتماعية والقيم المتوارثة التي يعود معظمها إلى البداوة وبيئة الصحراء القاسية مع عامل مهم آخر وهو التحالف السياسي والديني القائم بين الأسر الحاكمة في الجزيرة والخليج،والأسر الدينية التي يبرز منها عدد كبير من رجال الدين وأكبر وأهم تحالف أسري معروف هو بين أسرة آل سعود(الحاكم السياسي)،وأسرة آل الشيخ(الحاكم الديني)،وهو تحالف قديم يحتاجه الطرفان لاستمرارية الحكم السياسي والديني في شبه الجزيرة العربية،والأسرتان من نوع الحجم الكبير جدا(آلاف الأعضاء)مع إمكانات مادية هائلة يؤمن لها نفوذ معنوي مميز ومستمر،ولهم تراث طويل من النفوذ والسيطرة(حوالي ثلاث قرون).
نعم تتواجد أسر أخرى ولكن بحجم ونفوذ أقل،وقد يبرز من هذه الأسر أحيانا علماء وباحثين يتفوقون على الأسر الحاكمة،إلا أنهم في النهاية يبقون في حماية النظام ورعايته ماداموا يؤيدونه في كل شئ ويدعمون مؤسسته الدينية.
وفي بلاد الشام الأربعة توجد أيضا أسر دينية متوارثة يسيطرون في الغالب على مناصب الإفتاء والمساجد والهيئات الدينية ،ألا أن حجمهم ونفوذهم رغم قوته لكنه دون المستوى في الجزيرة والخليج.
في الجانب الشيعي وفي جميع البلدان الشيعية ومناطق تواجدهم تبرز المسألة بصورة أكبر وتأخذ أبعادا أكثر.
فالعوائل الدينية كثيرة،وأيضا كبيرة العدد أحيانا وتتوارث العلم والأدب منذ فترات طويلة جدا قد تمتد إلى قرون عديدة،
بل في بعضها يعود إلى البدايات الأولى لتأسيس وانتشار المذهب الشيعي،لذلك نجد الكثير من الأسر الدينية تنتسب إلى ذرية الإمام على (ع) وأتباعه من الصحابة والتابعين والموالين بشدة له،وتسكن بصورة خاصة في المدن المقدسة وخاصة في العراق وإيران،ثم بعد ذلك في مستوى الأهمية في بلاد الشام والخليج وشبه القارة الهندية.

يرتفع وينخفض عدد طلبة العلم والأدب حسب ازدياد حجم الظلم والطغيان :انخفاضا،وتحسن ظروف التسامح والحرية :ارتفاعا،وبالتالي تبرز أو تخبو ظاهرة الأسر الدينية المتنفذة.
مكانة تلك الأسر الدينية والاجتماعية،تبقى مهددة في ظل التنافس الحاصل على الزعامة الدينية والمكانة الاجتماعية للحصول على الدعم والتأييد الشعبي في ظل غياب التأييد الحكومي الذي يكون في الغالب إذا حصل يكون ذا مردود عكسي واضح،ويبقى الهدف الأسمى الحصول على أعلى المراتب الدينية والدرجات العلمية،مع سمو أخلاقي عالي هو الوسيلة الأقوى للبقاء والتواجد في الساحة.وأسماء تلك الأسر والبارزين فيها تزخر بها الموسوعات والكتب الشيعية المختلفة على مدار القرون الماضية.


التوريث الحكومي:
1ـ النظام الملكي:
لايمكن الحديث عن التوريث السياسي في الأنظمة الملكية بأنواعها المتعددة لان الطبيعة الأساسية لتلك الأنظمة تتطلب التوريث وهي أداة لإستمراريتها و رغم أنها عملية تبعث على الاستقرار السياسي ألا أنها غالبا ما تتسبب في صراعات أحيانا تكون دموية من أجل الحكم والسيطرة عليه بين أفراد الأسرة الحاكمة.
الحكم الملكي له مميزات وعيوب وأهم مميزاته الاستقرار السياسي،ومن عيوبه ديكتاتورية الأسرة الحاكمة وعدم احترام المال العام والطبقات المحكومة وغيرها،ويبقى الحل الأمثل لهذا النوع من الأنظمة هو جعل الأسرة الحاكمة رمزا للدولة،وإعطاء الحكم الفعلي لمن ينتخبه الشعب وهو ما موجود في بعض الدول الغربية واليابان وغيرها حيث أثبت ذلك النوع نجاحه بالنسبة للأنظمة الملكية،أما الديكتاتورية الملكية فقد أثبتت فشلها كما هو واضح في بلدان العالم الثالث.
أما التوريث السياسي في القوى السياسية الموالية والمعارضة في النظام الملكي،فقد لاحظت أن التوريث يزداد حتى يكاد أن يكون ظاهرة عامة في حالة الحكم الديكتاتوري والعكس صحيح يكون نادرا في النظام الديمقراطي كعلامة دالة على حرية الانتخابات التي تؤدي إلى اختيار الأفضل،وأفضل مثال على ذلك الدول الأوربية.
أمثلة كثيرة على النموذج الأول،غالبا ما يؤدي إلى تقريب الأعوان وأسرهم وهم أحد أدوات النظام لقيادة الدولة،وهم بالتالي يكونوا قادرين على تشكيل أحزاب موالية وأحيانا معارضة،وغالبا ما تكون المعارضة ضد أشخاص وأحزاب في الدولة وليس ضد طبيعة النظام الأساسية،تنشأ من خلال ذلك عدد من الأسر المتحكمة القادرة على الحكم والمعارضة بنفس الوقت،ومن الأمثلة على ذلك الحكم الملكي في العراق بين 1920-1958 ولمراجعة التفاصيل في أسماء وتكوين الأسر،يمكن مراجعة الكتب المتوفرة لتلك الحقبة الزمنية.
مثال آخر في مصر قبل الانقلاب العسكري عام 1952،وفي الأردن ،وإيران زمن الحكم الشاهنشاهي بين 1925-1979،وبلاد أخرى كثيرة.
ترتبط تلك الأسر المتنفذة بالنظام وتنتهي في حالة سقوطه أو تغييره.
2ـ النظام الجمهوري:
أما التوريث السياسي في الأنظمة الجمهورية،وهو الأهم في هذا البحث بنوعيها الديمقراطي والديكتاتوري،فهو يكتسب أهمية فائقة كون أن هذا التوارث يتعارض بصورة كلية مع طبيعة النظام وفلسفته المستندة على الخيار الشعبي في أبراز القادة الجدد وتسليمهم أمور البلاد والعباد،وبالتالي أي وسيلة للتوريث يصبح النظام فارغا من أي محتوى فكري أو قانوني يمنحه الشرعية للاستمرار في الحكم ويمنح الشرعية لكل الخارجين عليه والراغبين بالتغيير نحو الأفضل.

في الأنظمة الديمقراطية الجمهورية من النادر جدا حصول التوريث السياسي،لان عملية الانتخابات هي التي تحدد من سوف يخلف الرؤساء والنواب وهذه موجودة في الحكومة والمعارضة المتمثلة بالأحزاب والجمعيات وغيرها،وقد حصلت بالفعل بعض عمليات التوريث السياسي ولكن نادرة الحدوث وبصيغة الانتخابات وبالتالي تنتفي صفة التوريث الأعمى ذو الطابع الديكتاتوري الأسري،وأذكر هنا مثالا في اليونان ذلك البلد الديمقراطي العريق حيث تحكمه عائلتين منذ عدة عقود من الزمن وتتناوبان الحكم بالانتخابات والعائلتان هما باباندريو وكرامليس، والأولى تمثل اليسار! والأخرى تمثل اليمين،وبما أن حق الانتخاب والترشح حق مكفول للجميع ألا أن سيطرة العائلتين يعود إلى القدرة المالية الهائلة والعلاقات المتداخلة في المجتمع والخارج والنفوذ السياسي والاجتماعي الهائل اللذان يتمتعان به بحيث يسهل عملية جذب الأنصار والحفاظ عليهم، بالإضافة إلى إرسال أولادهم في فترة مبكرة للعمل في مؤسسات الدولة للتدرب على دخول المعترك السياسي.وأيضا هناك بعض العوائل المتنفذة في الولايات المتحدة مثل عائلة كينيدي الشهيرة وعائلة بوش،ألا أن التوريث هنا رغم محدوديته فأنه يكون على فترات زمنية متباعدة بين أفراد الأسرة الواحدة تتخللها فترات حكم لأفراد آخرون،ورغم محدوديتها فأن تأثيرها شبه معدوم خاصة في ظل تحديد مستوى الصلاحيات في الحكومة والمعارضة على حد سواء.
ومن أجمل الأشياء في التقاليد الديمقراطية هو تقديم المسؤول في الحكومة والمعارضة استقالته عند حدوث أي تقصير ليس منه فحسب وإنما من أفراد أسرته أو مرؤوسيه سواء في شؤون العمل أو الأخلاق العامة والفساد وغيرها وهو نادر الحدوث في بلدان العالم الثالث ومنها العالم العربي.
التوريث السياسي في الأنظمة الجمهورية الاستبدادية:
لقد أزداد في العقود الأخيرة حجم الاستبداد في العالم الثالث عموما والعالم العربي خصوصا كما وكيفا، وأستفاد الطغاة ومازالوا من الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، ورغم انتهائها فأنهم واصلوا الحصول على دعم معسكر المنتصر وتحول أتباع معسكر المهزوم لهم،المهم هو الدعم!وليس الشعارات الجوفاء، وأصبح للاستبداد فنون عجيبة في حكم الشعوب وترويضها والسيطرة عليها لحكمها حسب رؤية ومصالح الفئة الحاكمة التي غالبا ما يختزلها شخص واحد،ووصل الاستبداد حدا تجاوز الحدود المعروفة في الاستهانة بالشعوب المحكومة، فوصل حد التوريث السياسي للأبناء أو الأحفاد دون أخذ رأي المحكومين أو حتى الأتباع المخلصين الذين يجد البعض منهم القدرة والكفاءة للحلول محل الرئيس أو الزعيم، ولئن كانت لهذه المسألة أي التوريث السياسي جذورا ضاربة في التأريخ فأن انتشارها في العقود الأخيرة في ظل التقدم الكبير الذي أحرزته البشرية في التكنولوجيا وحقوق الإنسان وانتشار مبادئ الحرية والديمقراطية يثير الغرابة والتعجب ودليل على وجود مناطق واسعة من العالم مازالت تعيش في ظل الاستبداد أو فقدان الوعي السياسي والثقافي لاختيار زعمائها وحكامها أو تمجيدهم بشكل يثير الشفقة والاشمئزاز بنفس الوقت!.

لاشك أن التوريث السياسي في هذه الحالة سوف يتسبب بكوارث ومآسي لاحدود لها خاصة إذا علمنا أن المؤسس التطبيقي لهذه الفكرة وصل إلى الحكم بدهاء وذكاء ودماء وعنف وغدر وخيانة وهو الأسلوب الذي درج عليه تلاميذ الاستبداد في العصر الحديث! وفي النهاية سوف يتم تسليم راية الاستبداد والحكم إلى الابن الذي يكون مستلما لها بدون أدنى تعب ولا يحمل من القدرات والكفاءات التي تجعله قادرا على أدارة الدولة في أفضل وجه دون نسيان أن عائلة المستبد وأعوانه المقربين في الغالب تعيش عيشة مترفة بدون أدنى جهد مما يسبب عزوفهم الدائم عن الدراسة والعمل في صفوف المجتمع هذا في حالة قبولهم لمجتمعهم أما في حالة التعالي فأن الكارثة تكون أوسع والنتائج نكسات مستمرة، نعم أن ديمومة واستمرارية الحكم شئ وبناء الدولة ومؤسساتها شئ آخر، لأنه إذا كان الهدف هو البناء والتحديث فسوف يكون الحاكم أول من تتم الإطاحة به لأنه وصل إلى الحكم بطريقة غير ديمقراطية.
الملاحظة الهامة التي يجب الإشارة أليها هي أنه يشترك في هذه الصفة التيارات الشمولية الحاكمة من أقصى اليمين إلى اليسار المتطرف والتي طالما أستلمت الحكم بذريعة الثورة على النظم الفاسدة التابعة للخارج والسارقة لمقدرات شعوبها إلى غيرها من الاتهامات والشعارات المعروف في اللغة السياسية الدارجة، لا ننسى أنه لا يوجد في السياسة ملائكة وشياطين فالكل سواسية!ولكن الفرق في الأهواء والأعمال والأكاذيب!، تتحول بسرعة الأنظمة الثورية إلى أنظمة قمعية تفوق سابقتها بفعل الخبرة السابقة مضافا إليها الخبرة الثورية الجديدة! وتبدأ الثورة بأكل أبناءها في سباق دموي محموم نحو الحكم، وبعد الاستقرار النسبي في الحكم، لأنه لا وجود لاستقرار مطلق في الأنظمة الاستبدادية، الاستقرار والاستبداد نقيضان لا يجتمعان أبدا!، تبدأ بعدها مرحلة التوريث السياسي بدون أدنى خجل من شعوبهم أو أتباعهم وأعوانهم المخلصين، وتحت مسميات مختلفة ومتعددة وفي تجاهل تام للماضي.
طريقة التوريث أصبحت معروفة لنسبة كبيرة من أفراد المجتمع وخاصة للطبقات المتعلمة والمثقفة، تبدأ المرحلة الأولى بأن يلعب الأبناء في الدرجة الأولى والزوجات والبنات وكل من له قرابة بالحاكم بالدرجة الثانية، مسؤوليات صغيرة في الحكم، وتلك المسؤوليات غالبا ما تكون لها قاعدة شعبية كبيرة في محاولة لجلب الاهتمام الجماهيري والإعلام ويقودها أو يتحمل مسؤوليتها أشخاص لهم القدرة والكفاءة ويقدموا المعونة والاستشارة بعد عملية التغيير والتعيين في تلك المسؤوليات الصغيرة، ويبدأ العمل لخلق قاعدة جماهيرية مؤيدة يقودها أعوان جدد لأسرة الحاكم ويجري تعيينهم في تلك المناصب الشعبية، وهي تبدأ عادة بالمناصب الرياضية مثل قيادة نوادي رياضية أو اتحادات وهيئات رياضية شبابية، ثم بعد ذلك تأتي المناصب الإعلامية سواء أدارتها أو أمتلاكها مثل قنوات التلفزيون والراديو والصحف والمجلات المختلفة، أو الاتحادات والنقابات الصحفية وغيرها، ووسائل الإعلام تكتسب أهمية خاصة كونها الوسيلة المثلى في صناعة الزعماء وتقديمهم إلى الأمة بأبهى صورة ممكنة، كما أنها وسيلة مهمة لتشويه صورة وسمعة الخصوم وعدم منحهم الفرصة للظهور، وكذلك التغطية الكاملة على جرائم ومفاسد النظام وأخطائه وتحويلها إذا أمكن إلى أنجازات! نعم صناعة الإعلام هي وسيلة سحرية لاتقاوم لتحويل الجميل إلى قبيح وبالعكس إلا من لديه مناعة حيوية مضادة للفيروسات الإعلامية، ومن يحمل تلك المناعة مع الأسف الشديد قليلون.
أما بالنسبة لنساء الأسرة الحاكمة وغالبا ما تكون زوجة الزعيم أن كانت له زوجة واحدة!،أو بناته وأخواته وغيرهن، فأن المناصب النسائية أو التي تحتاج إلى نعومة أنثوية واضحة فبالتأكيد تكون محتكرة لهن للتوضيح بأن الأسرة لها وجه ناعم ولطيف يعطي لمسة حنونة لصورتها أمام الرأي العام، وليست صورة القسوة والعنف فقط، والأمثلة بارزة للعيان لا تحتاج سوى تصفح المجلات النسائية في العالم العربي كمثال!.
هناك بالتأكيد مناصب ثانوية لأفراد الأسر الحاكمة مثل أدارة الجمعيات الخيرية وخدمات المجتمع للتأكيد على دعم الأسرة للمشاريع الخيرية فهي وسيلة مثالية لإبراز وجه الأسرة الطيب وإخفاء الوجه البشع.
قد يستمر تدريب أعضاء الأسرة الحاكمة على أدارة المناصب الثانوية المستندة على قاعدة شعبية واسعة فترات زمنية طويلة، حتى يتم ترويض الأمة لقبول أحد أفراد الأسرة الحاكمة كخليفة دون منازع،أو في جهة المعارضة أيضا! علما أن الطرق السابقة موجودة في النظم الملكية المستبدة أيضا كوسيلة من وسائل تثبيت الحكم وترسيخه لكي يدوم أطول فترة ممكنة(بعد عمليات التوريث).
إذا تمت عملية التوريث السياسي بسلام وأمان، فأن الأمم تمر بمرحلة طويلة من الركود السياسي وبالتأكيد يصاحبه ركود اقتصادي واجتماعي وتدهور فظيع في معنويات الأمة وانتشار اللامبالاة سواء في العمل والتخطيط للمستقبل أو السيرة الخاصة وما يتعلق بها من تعامل مع الغير وضرورة احترامه، وضعف التمسك بالأخلاق والعادات المتوارثة،أو قد يقود إلى الابتعاد حينا عن الدين واعتناق المذاهب الفوضوية المعروفة.
يؤدي ذلك إلى البقاء في خانة الدول النامية الأكثر تخلفا، ليس فقط من الناحية الاقتصادية فحسب،بل من الجانب المعرفي فيحصل ركود في العلوم والآداب، وبالتالي تزداد الفجوة بينها وبين العالم المتحضر المتقدم.
يتحول النظام الجمهوري الاستبدادي،إلى ملكية صرفة للأسرة الحاكمة وأعوانها، ويزداد القمع والفساد والمحسوبية، ويكون المقياس الأوحد هو تأييد النظام بأي وسيلة كانت، فينشأ النفاق الاجتماعي الذي يصبح وسيلة التعامل الرئيسية بين الناس ويخلف دمارا اجتماعيا يكون كامنا في النفوس وتصبح الصراحة والمكاشفة، وسائل غير مرغوبة لأنها تهدد الجانب الأمني للبلد أو الدعوة لها كالعمالة للعدو!.
كلما ازدادت شراسة وقسوة النظم الاستبدادية، فأن سقوطها لا محالة سوف يكون أسرع والعكس صحيح، وهذا خلاف النظرة المتعارف عليها بأن وحشية النظام وقسوته كفيلة باستمراره فترة أطول، كلا العكس هو الصحيح هو أن الضغط يولد الانفجار الذي لا يرحم أحد.

دعوة مخلصة:
أمنية في قلب ووجدان كل إنسان حر، هو أن تقوم الأمم والشعوب الحرة بدعم الشعوب المستعبدة وتخليصها من نظمها المستبدة، ليس فقط خدمة للإنسانية والأخوة الموجودة فيها ولكل القيم الدينية والأخلاقية والأدبية، بل أيضا لاجتثاث الإرهاب من جذوره، وزرع الأمن والحرية في العالم للحصول على المنفعة الاقتصادية عن طريق الاستثمار في البلدان النامية،بعد حصول عملية الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
التوريث السياسي في المعارضة:
توسع التوريث السياسي فأصبح يشمل المعارضة التي تكافح الأنظمة المستبدة في بلادها وترفع في نفس الوقت شعارات الحرية والديمقراطية والمساواة واحترام حقوق الإنسان! والغريب في الأمر أن بعض تلك الأحزاب والقوى السياسية بالفعل تطبق تلك الشعارات سواء بالمعارضة أو في الحكم بعد تسلمها السلطة، لكن ذلك يتناغم ويتواصل مع عملية التوريث السياسي بدون الشعور بأن هنالك تعارض بالفعل فيما بينها، وبالتالي فأن القول أن عملية التوريث السياسي يتعارض دائما مع تطبيق الديمقراطية والحرية والمساواة فيه بعض المجافاة مع الواقع، صحيح أن عملية التوريث السياسي تحصل غالبا بدون إجراءات انتخابية حرة وفي أجواء غير ديمقراطية بتاتا،ألا أن العملية بحد ذاتها هي سلاح ضد الديمقراطية والمساواة بين البشر، حيث يؤدي إلى استلاب القرار السياسي لفترة طويلة بين مجموعة صغيرة من البشر.
وجود شخص واحد في رئاسة أو زعامة حزب أو حركة أو منظمة سياسية أو حتى نقابية فترة طويلة يحوله إلى حالة الجمود أو الركود السياسي ويصعب عليه الدعوة إلى التجديد في الحكم أو المعارضة أو تبني أفكار جديدة لكون القيادات المتحكمة فيه تعارض غالبا التجديد الذي يؤثر عليها ويهدد سلطتها وبالتالي تصبح المعارضة فقط معارضة بالاسم بينما أفكارها ومبادئها وبرامجها السياسية تكون قديمة لا تتلاءم مع متطلبات العصر الجديد الذي هو في حالة تغير مستمر، بالإضافة إلى ذلك تموت بمرور الزمن حالة النقد الذاتي داخل الحركات السياسية، وإذا حدث النقد ولأي سبب كان فأن الاتهامات بالخيانة أو الطفولة اليسارية والجهل والانحراف إلى آخره من الاتهامات سوف تكون جاهزة خاصة إذا كان القائلين والداعين للتغير بدون دعم مادي أو معنوي قوي يجعلهم قادرين على الوقوف بوجه الحرس القديم، ولذلك نجد أن النشاط السياسي وحيويته وتجدده في الغرب في أوجه وليس فيه أي مجال للكسالى ولا فيه حالات ركود أو بطئ في العملية السياسية، وتجده متطورا على الشرق وخاصة العالم العربي والإسلامي تطورا كبيرا والفارق يزداد أتساعا بمرور الزمن، والسبب الرئيسي إضافة إلى تبني الأفكار والمبادئ الجديدة هو أن القيادات السياسية سواء بالحكومة أو بالمعارضة تتجدد باستمرار وخاصة في حالة الفشل في الانتخابات فأن القيادات المنهزمة من ذاتها تقوم بتقديم استقالتها لأعضاء الحزب أو يقوم الحزب من ذاته بتغييرهم إذا رفضوا بعملية أنتخابات داخلية حرة ونزيهة، وبعدها يأتي أفراد الصف الثاني لتسلم القيادة برؤى وأفكار وبرامج جديدة بل أن الأحزاب دائما تكون مهتمة باستطلاعات الرأي العام وهي المؤشر الرئيسي والهام لتوجهات الشعب، فإذا وجدوا أن شعبية الحزب أو المسؤولين فيه متدنية أو في هبوط مستمر فأن التغيير لامحالة سوف يكون لتجنب الهزيمة في الانتخابات القادمة، لذلك ليس من العيب الاستفادة من تجارب الأمم والشعوب الأخرى خاصة التي لها تأريخ عريق في الديمقراطية، بل العيب والعار في رفض كل جديد ممكن أن يفيد الوطن وتطلعاته المستقبلية.
وجود أي شخص في قيادة المنظمة السياسية لفترة طويلة يؤدي إلى تكوين طبقة أو حاشية موالية له لأنه طبيعي أن يدعم الموالين له ويبعد المعارضين له ويؤدي إلى تحول الحزب إلى حزب أسري تتحكم فيه مجموعة من الأسر المتنفذة يصعب على الآخرين الدخول فيها أو النفوذ إلى القيادة بدونها دون تقديم الطاعة والولاء وبالتالي تسهل عملية التوريث السياسي في ظل مباركة الحاشية المتنفذة المطيعة ما دامت تحصل على كل الامتيازات، وبذلك تتحول الأحزاب والمنظمات المختلفة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار إلى أحزاب أسرية أو ديكتاتورية صغيرة بالمقارنة مع النظام، ويصعب الخروج من هذا المستنقع الفكري والسياسي في ظل التدهور الحاصل في الأنظمة والمعارضة الرئيسية، وبالتالي يكمن الحل الوحيد في نظري القاصر هو خروج المنتمين إلى تلك الأحزاب إلى أحزاب وحركات جديدة ومحاولة فرض دستور أو مبادئ عامة تبعدها عن حالة الجمود والوقوع في مستنقع الفساد الذي يتضمن حالة التوريث السياسي.
حالة الصراع والتنافس بين الأحزاب تتحول بمرور الزمن إلى حالة صراع شخصي أو أسري، وبالتالي يفقد التنافس السياسي لخدمة الوطن كل معنى أو مضمون حقيقي ويصبح فارغا لا قيمة له، الجميع يلهث وراء مصالحه الذاتية الآنية الضيقة، وتنشأ حالة عدم احترام المعارض سواء في حالة الحكم أو المعارضة والنيل من كرامته الشخصية والأدبية، وهذه القاعدة هي السائدة في العمل السياسي في العالم العربي كنموذج بارز للتخلف في العالم الثالث.
الحركات اليسارية ومنها الشيوعية هي الأخرى وقعت في مستنقع التوريث، بعد أن وقعت في فخ الديكتاتورية النظرية والعملية مما أبعد غالبية طبقات الشعب عنها أو تأييدها، وتلك الحالة ليست شاذة بل أصبحت سائدة وغيرها شاذ! والأمثلة كثيرة منها كوبا في حالة فيديل كاسترو وأخيه راوول، أو في حالة النظام الشمولي المتطرف في كوريا الشمالية عندما ورث الزعامة في الحزب والحكومة، كيم أيل سونغ(1912-1994) إلى أبنه الديكتاتور كيم جونغ أيل، كذلك في حالة الديكتاتور السابق لرومانيا نيقولاي شاوشيسكو(1918-1989) حيث كانت أسرته متنفذة وغارقة في الفساد والإجرام ولولى الثورة عليه وإعدامه مع زوجته في محاكمة سريعة في يوم واحد لأصبح أبنه هو وريثه الوحيد في الحكم، وكذلك في بقية البلدان الشيوعية الأخرى حيث عوائل القادة المتنفذين والذين يعيشون حياة البذخ واللهو في عالم أخر بعيد عن حياة الناس العاديين في ابتعاد حقيقي عن مبادئ وأسس الحزب والنظام القائمة على أنه حكم الكادحين!.
غالبا ما يكون المستوى الفكري والتعليمي لأفراد الأسر المتنفذة، ضحلا يثير السخرية والاشمئزاز، ففي حالتهم تكون الحياة مريحة ومتيسرة من جميع النواحي وبالتالي ينصرفوا إلى حياة المتعة واللهو بدلا من العمل الجاد والدراسة المتعبة التي لاتعطيهم في رأيهم شيئا أضافيا عند إتمامها،
مادام كل شيئ متوفر لديهم، نعم أحيانا يقوموا باستغلال المؤسسات التعليمية في بلادهم غير الخاضعة للرقابة العامة للحصول على أعلى الدرجات العلمية والأدبية دون أن يرفع مستواهم الثقافي أو تهذيب أخلاقهم خاصة في تعاملهم مع باقي أفراد الشعب الذي ينظرون إليه، نظرة احتقار واستهزاء وتكبر دون أن يتذكروا أنه لولا هؤلاء لما وصلوا من مكانة عالية ولولاهم لما أعار الخارج لهم أهمية تذكر، ولماذا يعير لهم العالم الخارجي أهمية، إذا كانت قيمهم العلمية والأدبية والأخلاقية لا تساوي شيئا؟.
الأمم الحرة الحية دائما تمنح الفرص والمساواة للجميع حتى يتقدم الجميع، وتخطوا الحضارة وتتقدم نحو الأفضل في المستقبل، لذلك نجد أن (المهاجر الفقير أو أحد ذريته من بلدان العالم الثالث مثل الصين والهند الذي يهاجر إلى الغرب وبالخصوص العالم الجديد بعد أن يبذلوا الجهود تلو الجهود، يحصلوا بالنهاية على ما يريدوا وزيادة، ويكونوا مشاهير في العلم والمعرفة والاقتصاد، لكن نلاحظ أن ذلك لا يحصل في بقية دول العالم الثالث صاحبة الدخل الأعلى، لان فرص الحرية والمساواة شبه معدومة، والقانون يسير فقط على عامة الشعب مما يؤدي إلى استغلال المهاجرين، أبشع استغلال ثم طردهم عند انتفاء الحاجة منهم أو إذا تمردوا على قوانين العمل المجحفة، ولذلك السبب لا يبرز مشاهير في تلك البلدان من المهاجرين إليها، وأبسط مثال دول الخليج العربية.)<1>

<1> معلومة خاطئة تماماً ومغالطة كبرى وقع بها المؤلف كون الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً، حيث أن أفراد هذه الفئة التي أشار إليها المؤلف لطالما حضوا وما يزال تحظى هم وأنجالهم وأحفادهم بتقدير كبير ومكانة اجتماعية مرموقة. نظرا لشغل السواد الأعظم من أفراد هذه الفئة لمناصب علمية وقيادية واستشارية عليا، خصوصاً مع بدايات نشأت وتكوّن دول الخليج في ضل حداثة تكوين وأطر الدولة ومؤسسات التعليم وانعدام الكفاءات والكوادر العلمية والقيادية والاستشارية ألمواطنه في تلك الأثناء. ناهيك عن نيلهم الجنسية وكافة حقوق المواطنة بدول الخليج؟؟

[/hide]

دمتم بود
سبحان الله وبحمده

عبير الزهور

:: عضو ألماسي ::

#2

Silence

:: عضو مميز ::

#3
يعطيك الف عافيه
وعساك على القوه
لا تحرمنا من يديدكـ
إضافة رد


يشاهدون الموضوع : 1 ( عضو0 زائر 1)
 

الانتقال السريع