Close Menu
الساعة الآن 07:01 AM

منتديات ياكويت.

للتسجيل إضغط هنا

أدوات الموضوع
إضافة رد

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

من خصائص الحضارة الإسلامية :تأسيس العلم: ابن خلدون نموذجاً





حين نضجت تجربة النقل الحضاري ، وتمكن المبدعون العرب والمسلمون من علوم من سبقهم من اليونان والفرس والهنود وسواهم ، دخلوا مرحلة الإضافة العلمية والتصحيح والتنقيح كما فعل ابن النفيس ، وكانت التجربة قد أهلتهم إلى دخول عالم الاكتشاف فأسهموا في تأسيس العلوم الجديدة ، كما فعل الإمام الجعفر الصادق وابن حيان وخالد بن يزيد في تأسيس علم الكيمياء ، وكما فعل ابن خلدون في تأسيس علم العمران الذي يسمى اليوم علم الاجتماع الإنساني أو السوسيولوجيا ..
ولا ينكر أحد على ابن خلدون كونه المؤسس لهذا العلم الذي وصفه مبدعه بأنه ( مستحدث الصنعة ، غريب النزعة ، غزير الفائدة ، أكثر عليه البحث ، وأدى إليه الغوص ( والمفارقة أن ابن خلدون أوجد هذا العلم في مقدمة أنشاها لكتابه الشهير في التاريخ ، وهو
( كتاب العبر ، وديوان المبتدأ والخبر ، في أيام العرب والعجم والبربر ، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر ) وهو كتاب يقع في سبعة مجلدات ، أراد أن يجعل لها مقدمة يبث فيها خلاصة رؤيته لأحوال المجتمعات الإنسانية ، فإذا هو يجد نفسه أمام رؤية لعلم جديد لم يسبقه إليه أحد ، فنسي الناس الكتاب ، وبقيت المقدمة الشهيرة التي تقع في أربعمائة صفحة .
وابن خلدون هو عبد الرحمن أبو زيد وقد لقب بـ ( ولي الدين ) لأنه كان من قضاة المالكية ، ولابد أن اسم أبيه خالد ، ولكن أهل الأندلس كانوا يضيفون الواو والنون على أسماء من يعظمون تكريماً ، فابن زيدون هو ابن زيد ، وابن خلدون هو ابن خالد بن عثمان وهو حضرمي يماني ، وكان ابن خلدون يحرص على أن يضيف لقب الحضرمي إلى اسمه اعتزازاً بأصل بنسبته إلى الصحابي الجليل وائل بن حجر . وقد ولد ابن خلدون في تونس سنة 732 هجرية (1332م) ولكنه نشأ في قرمونة ، بعد أن هاجر الكثيرون من تونس إلى الأندلس هرباً من الطاعون الذي انتشر منتصف القرن الثامن الهجري ، وكان قد حفظ القرآن الكريم طفلاً ، وتعلم على أبيه وأصحاب أبيه علوم المنطق والفلسفة ، ومن مطلع الصبا بدا حبه للسياسة ، واتضح استعداده ليكون رجل دولة حيث يحل ، ولكن الوظائف الكبرى التي شغلها على مدى ربع قرن لم تصرفه عن تحقيق رغبته في التفرغ للبحث والتأليف ، وقد تمكن من أن يسجل اسمه مع الخالدين عبر تأسيسه لعلم العمران ، وكانت الوظائف التي توّلاها قد عمّقت تجربته ووسعت رؤيته ، وقد بدأها بوظيفة ذات شأن هي ( كتابة العلامة ) للوزير ابن تافكين ، وبعد أن دالت دولته ، هاجر ابن خلدون إلى قسنطينة في الجزائر وتزوج هناك ، ثم انطلق إلى فاس في المغرب وصحب السلطان أبا عنان ، وتولى عنده وظيفة الكتابة والتوقيع ، وكان ما يزال دون الثانية والعشرين ، حين ذاع صيته واشتهرت مكانته ، وقد أتيح له في فاس أن يعمق ثقافته في مكتباتها ، وتميز أسلوبه الأدبي بالسهولة والوضوح ، وقوة الحجة والدليل على فكرته، ويذكر له مترجموه أنه نظم الشعر ولكنه لم يكن شاعراً. وقد عاد إلى الأندلس ليلتحق بثالث ملوك بني الأحمر وهو محمد بن يوسف ، وهناك نمت صداقته مع الشاعر الوزير الشهير لسان الدين بن الخطيب الذي تعرف إليه في فاس حين عملا معاً في بلاط السلطان أبي سالم .
وقد عينه السلطان الأحمر ( محمد بن يوسف ) سفيراً بينه وبين ملك قشتالة بطرس القاسي ، فساعد على إبرام صلح بين الملكين ، ولكن علاقته بالملك تعرضت لاضطراب ، فعاد إلى بجاية في الجزائر ، وعمل حاجباً للسلطان محمد الحفصي ( وهذا أعلى منصب سياسي في الدولة ) وفي هذه الآونة خطب الجمعة في جامع القصبة ، وقد تقلب ابن خلدون في مناصب الدولة متنقلاً من ملك إلى ملك ومن سلطان إلى سلطان بين تونس والجزائر والأندلس ، وخبر المكائد و المؤامرات ، ولعله شارك في بعضها ، مما أوقعه في المصائب واضطره إلى الابتعاد عن السلطة بضع سنين تفرغ فيها للدرس والبحث ، وكانت المرحلة الهامة في هذا التفرغ تلك التي قضاها في تلمسان ، وقد أقام في قلعة ابن سلامة في ضيافة أولاد عريف ، حيث تفرغ لتأليف كتاب العبر ، وكان في الخامسة والأربعين من العمر ، ويروي كتّاب سيرته أنه أنجز كتابة المقدمة في خمسة شهور ، وقد اضطره البحث عن المراجع إلى أن يعود إلى تونس وفيها تفرغ للتدريس ، وأنجز مؤلفه ، وأهداه إلى سلطانها أبي العباس أحمد ، وقد أراد السلطان أن يعيده إلى العمل السياسي لكنه تذرع بالرغبة في السفر إلى الحج ، وغادر إلى الاسكندرية ، فبدأت مرحلة مصر في حياته ، وهي من أغنى المراحل في سيرته ، فقد استقبله أهلها بما اشتهروا به من حب للعلم والأدب ، وصار ابن خلدون أستاذاً في الأزهر الشريف ، وقد تولى منصب قاضي قضاة المالكية في مصر وهو التونسي مما أثار حفيظة منافسيه ، ثم جاءت رحلته الشهيرة إلى دمشق سنة 803 هجرية حين خرج السلطان الناصر فرج للقاء جيوش تيمورلنك الزاحفة على الشام ، وقد عاد السلطان دون أن يتم اللقاء مع تيمور ، تاركاً دمشق لمصيرها ، لكن ابن خلدون بقي في الشام وأقام صلة مع تيمورلنك ، وأصبح من خاصة جلسائه، وهذه الصلة جعلته موضع انتقاد لدى الباحثين . وقد عاد ابن خلدون إلى مصر ليتفرغ لتنقيح كتابه ( العبر ) ومقدمته ، وقد توفي بمصر عن ستة وسبعين عاماً ، ودفن في العباسية بالقاهرة ، وقد أهمل الباحثون كتاب العبر ، وذاعت شهرة المقدمة التي حملت العلم الجديد، وهو ما نرجو أن نتأمله في حديث قادم .

































عبير الزهور

:: عضو ألماسي ::

#2
موضوع قيم

بارك الله فيج

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

#3

mr.di7ani

:: عضو فعال ::

#4

مـــلاك عمري

:: عضو متقدم ::

#5
مجهود رائع
يعطيك العاافيه

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

#6
إضافة رد


يشاهدون الموضوع : 1 ( عضو0 زائر 1)
 

الانتقال السريع