عرض مشاركة واحدة

فرفوشه

:: ضيف شرف ::

بحث تحليلي حول أبرز توجهات مناهج المواد الاجتماعية في الدول الأعضاء في مجلس

التعاون الخليجي في ضوء وثيقة الأهداف العامة للتربية والأسس العامة للمناهج في دول

الخليج العربية"

إعداد/ د.عبد الكريم عبد الله الخياط قسم المناهج وطرق التدريس كلية التربية

جامعة الكويت

المصدر/ مجلة رسالة الخليج العربي العدد (92)



ملخص البحث
هدفت الدراسة إلى تحديد أبرز التوجهات التي تسعي دول الخليج العربية لتحقيقها في المجتمع الخليجي، وكذلك الجهود المبذولة لترجمة أبرز هذه التوجهات في مطبوعات المواد الاجتماعية لدول الخليج العربية.
ولتحقيق ذلك اعتمد الباحث في الإطار النظري على تحديد أبرز التوجهات الخليجية من واقع الدراسات والوثائق التربوية، وقد تم بناء قائمة تشمل التوجهات الرئيسة للتطوير في المجتمع الخليجي، وهي التوجهات المتعلقة بالدين الإسلامي والانتماء العربي وحاجات الفرد والمجتمع الخليجي وحاجات العصر والمتطلبات التربوية.
وقد اختار الباحث طريقة تحليل المحتوى كأداة للتحقق من مدى التزام مناهج المواد الاجتماعية لدول الخليج العربية للتوجهات المنشودة، وبعد التأكد من صدق وثبات الأداة تم تحليل محتوى كتب المواد الاجتماعية لدول الخليج العربية وهي: (دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، دولة الكويت، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، دولة قطر). وقد توصلت الدراسة لأبرز وأهم الجوانب التي أكدت عليها مناهج المواد الاجتماعية عمليا ونظريا، وكذلك أهم مواطن القصور التي برزت في معالجة هذه التوجهات، وقد تم اقتراح التوصيات المرغوبة لتدعيم التوجهات الخليجية لمناهج المواد الاجتماعية بالمراحل الدراسية المختلفة والتي تسهم في تحقيق الغايات المنشودة منها.

مقدمة:
إن التربية أداة العصر في البناء الإنساني، وحجر الزاوية في التكوين الاجتماعي، وأداة المجتمع في صنع مستقبله، وبقدر ما تقدم التربية من وسائل في صنع الإنسان تكون نوعية المجتمع وفعاليته، والمنهج المدرسي الذي يشكل الإطار الكلي للعملية التعليميـة هو أداة التربية في تحقيق أهدافها، والوصول بالفرد والمجتمع إلى أقصى درجاته من النمو والتغير والتقدم.
ولقد بذلت دول الخليج العربية العديد من الجهود، لمواكبة التطورات الحديثة، والإسهام بوضع خطط علمية وعملية لبناء الإنسان الخليجي وذلك من خلال وزارات التربية والتعليـم في كل دولة وأيضا من خلال جهود مكتب التربية العربي لدول الخليج والذي يمثل النموذج العملي والواقعي لمفهوم التعاون بين دول الخليج العربية وذلك في المجال التربوي. وقد حظيت الأهداف العامة للتربية والمناهج على وجه الخصوص باهتمام مبكر وتواصل من قبل المعنيين بالشأن التربوي في الدول الأعضاء حيث مثلت باكورة مسيرة العمل التربوي ونقطة انطلاقها الأولى عندما أصدر أصحاب المعالي وزراء التربية والتعليم في دول الخليج العربية في الدورة العادية الأولى للمؤتمر العام (الرياض، المملكة العربية السعودية، 15-18 شوال 1395هـ 20-23 أكتوبر 1975) أول قرار للمؤتمر العام الذي دعا إلى العمل على توحيد أهداف التعليم العامة للمناهج في الدول الأعضاء. (وثيقة الأهداف، 2003؛ وثيقة استشراف مستقبل العمل التربوي، 2000).

وإذا كانت مسيرة التعاون في مجال التعليم بين الدول الأعضاء قد بلغت مراحل متقدمة في مختلف المجالات، فإن بناء المناهج الدراسية وتطويرها كان على الدوام يمثل قطب الرحى لهذه المسيرة، فقد تم تنفيذ عدد من السياسات والبرامج لتوحيد المناهج وتطويرها خاصة في مجال العلوم والرياضيات والدراسات الاجتماعية واللغة العربية، بحيث تعمل على توثيق الصلات والربط بين مواطني دول مجلس التعاون وتعزيز الانتماء إليه.
وتعد مناهج المواد الاجتماعية بحكم طبيعتها أهم المواد الدراسية التصاقا بالأهداف الوطنية وأكثرها قربا فيما يتعلق بالمجتمع الخليجي من حيث واقعه وآماله وتطلعاته وماضيه وحاضره ومستقبله، ولذلك فهي من أهـم المواد الدراسية في مجال بناء الإنسان الخليجي، فإن كانت المواد الدراسية كلها تعمل على تحقيق الأهداف العامة للتربية بدول الخليج العربية، إلا أن المواد الاجتماعية بحكم طبيعتها والموضوعـات التي تتناولها ونواحي النشاط المصاحب لها تقوم بدور متميز، وتحظى بأهمية خاصة في تحقيق الأهداف العامة للتربية بدول الخليج العربية، ذلك أن الهدف الأساس لمنهج المواد الاجتماعية يتصل اتصالا مباشرا بتنمية الروح الوطنية والانتماء المحلي والخليجي والعربي والإسلامي والإنساني لدى التلاميذ ذلك أن تنمية الروح الوطنية تعد الوظيفة الأساسية للمواد الاجتماعية (اللقاني و أبو سنينه، 1999: 23؛ اللقاني ورضوان، 1986). وإذا كان منهج المواد الاجتماعية هو الوسيلة لتحقيق هذه الأهداف فإنه لا بد أن يكون منهجا متطورا ومتجددا يحقق التوجهات الرئيسة التي يتطلع إليها قادة وأبناء دول الخليج العربية والذي يمثل واقع وآمال وماضي ومستقبل دول مجلس التعاون الخليجي.

مشكلة البحث:
لما كانت المناهج هي الوسيلة المباشرة والفعالة لبناء الإنسان الخليجي كغاية من الغايات المنشودة لدى المجتمع الخليجي فإنه لا بد من التساؤل عن أبرز التوجهات الرئيسة لدى دول الخليج العربية في مجال الأهداف العامة للتربية في دول الخليج العربية، وعن مدى ما بذل من جهود لترجمة هذه التوجهات إلى مستويات في مناهج المواد الاجتماعية وبجميع مراحل التعليم العام لدول الخليج العربية، وبعبارة أخرى، هل يتحقق في مطبوعات مناهج المواد الاجتماعية لدول الخليج العربية التوجهات المرغوبة والغايات المنشودة كما هي مقررة في الوثائق التربوية الرسمية والأدبيات؟ وما الجهود التي تمت لنقلها من مستوى التوجهات المنشودة في النظام التربوي من خلال مناهج المواد الاجتماعية بدول الخليج العربية؟.

أغراض البحث:
1- تحديد أبرز التوجهات التي تسعى دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيقها في المجتمع الخليجي وذلك من واقع الوثائق الصادرة عن المؤسسات التربوية بالدول الأعضاء (وقد تم تحديدها في الإطار النظري).
2- التحقق من الجهود المبذولة لإبراز هذه التوجهات في مطبوعات مناهج المواد الاجتماعية لدول الخليج العربية.
3- اقتراح التوجهات والاتجاهات المرغوبة لتدعيم التوجهات الخليجية لمناهج المواد الاجتماعية بالمراحل الدراسية المختلفة والتي تسهم في تحقيق الغايات المنشودة فيها.

أهمية البحث:
تمثل المناهج المدرسية الإطار الكلي للعملية التربوية وهي أداة التربية في تحقيق أهدافها، ويتفق المهتمون بالتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي على أهمية المنهج في تحقيق أهداف وتوجهات دول الخليج العربية نحو مستقبل أفضل (وثيقة صيغة موحدة لأهداف المناهج، 1985)، ذلك أننا نعيش في مجتمع خليجي متغير، يؤكد لنا الحاجة إلى العناية بتطوير مناهجنا لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة ومتطلبات العصر، وكذلك الالتزام بالأصالة والهوية العربية والإسلامية، وتحقيق الهوية الخليجية، ومواكبة الانتماء الخليجي لقضايا الوقت الحاضر والتخطيط للمستقبل.
وتعد هذه الدراسة محاولة لتحديد أبرز التوجهات في مجال مناهج المواد الاجتماعية في ضوء وثيقة الأهداف العامة للتربية بدول الخليج العربية والوثائق الصادرة عن المؤسسات التربوية بالدول الأعضاء. ويمكن الاستفادة من نتائج هذا البحث في المجالات التالية:
أ- عند إعادة النظر في التوجهات الخليجية للدول الأعضاء في مجلس التعاون.
ب- عند إعادة النظر في بناء مناهج المواد الاجتماعية فـي مراحل التعليم العــام بدول الخليج العربية (الأهداف والمحتوى).
ج- عند تأليف كتب المواد الاجتماعية بدول الخليج العربية.

الإطار النظري للبحث:
لكي يحقق منهج المواد الاجتماعية بدول الخليج العربية الغاية المنشودة منه، فإنه لا بد أن يكون منهجا متطورا ومتجددا ويحقق الانتماء الخليجي والعربي والإسلامي، كما يقوم على الأسس والتوجهات التي تحددها الوثائق والأهداف العامة للتربية والإستراتيجيات التربوية في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تشتمل على مبادئنا وقيمنا الإسلامية والعربية الأصيلة، ويستوعب كل جديد ومعاصر يساير هذه المبادئ، وهو ما يعبر عنه بالمواءمة بين الأصالة العربية الإسلامية ومتطلبات العصر والاتجاهات الحديثة ومتطلبات العولمه، ولعل هذا ما يدعونا إلى التعرض في الإطار النظري لتحديد أهم التوجهات الرئيسة لمجالات التطوير في المجتمع الخليجي (السياسة التربوية) متمثلة في توجهات المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، وملاحظات الدول الأعضاء على وثيقة الأهداف العامة للتربية بدول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك ملاحظات الدول الأعضاء على القدر الخليجي المشترك في مجال الاجتماعيات، وما تضمنته وثيقة الأهداف العامة بدول مجلس التعاون بصورتها الأخيرة والنهائية، وما تضمنته وثيقة استشراف مستقبل العمل التربوي من أولويات وغيرها من الوثائق.
ولقد استرشد الباحث في تحديد التوجهات الرئيسة لمناهج المواد الاجتماعية بالوثائق السابقة وبالأخص وثيقة الأهداف العامة للتربية في الدول الأعضاء لمكتب التربية العربي لدول الخليج والتي حددت التوجهات والمنطلقات الرئيسة لعملية تطوير التربية في الدول الأعضاء كالتالي:
- التوافق الديمقراطي بين الدول الأعضاء.
- الاستقلال الذاتي للمؤسسات التعليمية.
- التربية رصيد المجتمع كله.
- التوافق بين التشريعات الوطنية والاتفاقات الدولية.
- الربط بين السياسات التربوية والتنموية.
- الجمع بين ثقافة عامة والتعمق في التخصص.
- المحافظة على القيم الروحية والمبادئ الإسلامية.
- الوعي بمتطلبات الأمن القومي.
- الانفتاح على ثقافة الآخرين.
- الأخذ بالمعطيات الإيجابية للتكنولوجيا.
- وجود آلية للمتابعة والمحاسبة وجودة النتائج.
- الحفاظ على لغتنا العربية والهوية الثقافية (وثيقة الأهداف، 2003).


واستناداً إلى التوجهات الرئيسة للتربية في الدول الأعضاء كما حددتها الوثيقة السابقة، وعلى ما جاء في الدراسات التربوية في مجالي المناهج وطرق التدريس، فقد جاءت التوجهات على النحو التالي:-
أولا: أبرز التوجهات المتعلقة بالدين الإسلامي والانتماء العربي:
من أهم التوجهات والسمات التي يولى أصحاب الجلالة والسمو قادة الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وما تؤكده الوثائق التربوية الأخرى وتوليه جل اهتمامها وعنايتها هو بناء الإنسان الخليجي على أسس من الإيمان بالعقيدة الدينية السليمة، والفهم الصحيح للدين الإسلامي على اعتبار أن الإيمان من أهم لوازم الحياة، ومصدر القوة والاطمئنان للنفس البشرية، كما تقوم التربية الدينية بدور بالغ الأهمية في حماية المجتمع والإنسان من كثير من جوانب الانحرافات السلوكية، وكذلك فإن الإسلام يمثل جانب التراث الحضاري للأمة، وهو طاقة دافعة للإنجاز نحو التقدم والحضارة والمعرفة ونبذ التعصب والتفرقة والتطرف، بالإضافة إلى ذلك فإن من أهم التوجهات المرغوبة لتطوير مجتمعنا الخليجي التركيز على القضايا المتعلقة بالانتماء العربي والهوية العربية، حيث يشكل المجتمع الخليجي جزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية. لذا فقد برزت توجهات الوثائق التربوية والسياسية نحو المحافظة على الانتماء العربي متمثلا في اللغة العربية والتراث الحضاري العربي والمشاركة في القضايا العربية وبالأخص قضية القدس، ومتطلبات الأمن العربي، والتنمية والتطوير للوطن العربي الكبير.

وقد جاءت أبرز التوجهات المتعلقة بالدين الإسلامي والانتماء العربي كالآتي:
1- تنمية الفهم الصحيح للإسلام.
2- تنمية القيم الروحية والمبادئ الإسلامية.
3- المحافظة على التراث الحضاري العربي والإسلامي.
4- المحافظة على اللغة العربية.
5- تنمية الشعور بالهوية العربية.
6- الوعي بمتطلبات الأمن القومي والقضايا العربية. (اللقاني وفارعه حسن، 2001؛ مجاور والديب، 1977؛ عطا، 2002).